يتابع جيسون بورك في البداية رواية مشهد يزداد توتراً في الضفة الغربية، حيث يواجه المزارعون الفلسطينيون موسم قطف الزيتون وسط موجة جديدة من اعتداءات المستوطنين المسلّحين، فيما يسود شعور بأن الإفلات من العقاب صار قاعدة ثابتة.

 

الضفة تسير على حافة الاشتعال

 

ويوضح المقال الذي نشرته الجارديان أنّ عشرات الهجمات تنتشر في أنحاء الضفة مع محاولة المستوطنين توسيع دائرة التخويف وإلحاق الأذى بالمجتمعات الفلسطينية. يقول الناشط الإسرائيلي أفيف تاتارسكي إن المستوطنين "يعملون بلا أي مساءلة". صباح الأحد يعتدي مستوطنون على سيارات قرب سنجل ويتسللون نحو أراضٍ زراعية في المغير. وفي بيت فوريك شرق نابلس يُضرب مزارع وتُتلف محصولاته.

 

الهجمات تتكاثر بصورة لافتة منذ وقف إطلاق النار في غزة، إذ توثق الأمم المتحدة أكثر من 260 اعتداءً في أكتوبر وحده، وهو أعلى رقم ترصده منذ 2006. اتحاد المزارعين الفلسطينيين يشير إلى أنّ عدد الاعتداءات على أعضائه تضاعف أربع مرات. ويومًا بعد يوم يُمنع المزارعون من حراثة أراضيهم، وتُحرق أشجار الزيتون، ويُهاجَم العمّال في بلدات عدة بينها بيت دقّو وأقربه وقرى قرب قلقيلية.

 

وفي بيت ليد يقتحم عشرات المستوطنين منطقة صناعية، يحرقون عشر سيارات ويصيبون أربعة فلسطينيين، ويعتدون حتى على الجنود الذين حضروا لتهدئة الوضع. يقول محمود إدعيس من البلدة إن كل ما يبحث عنه هو شعور بسيط بالأمان لأطفاله، لكن "الخطر يطل في أي لحظة".

 

مؤسسات عاجزة وتحقيقات لا تتحرك

 

يظهر في الفقرة التالية أنّ العنف يطال المساجد أيضًا، إذ يُشعل مستوطنون مسجدًا في دير استيا. الهجوم على بيت ليد يثير إدانة نادرة من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ويصفه بأنه "صادم". بنيامين نتنياهو يحمّل "أقلية" لا تمثل جمهور المستوطنين المسؤولية، ويتوعد بمعالجة العنف.

 

مع ذلك، يذكّر الناشطون الفلسطينيون بأن هذا النوع من الإدانة الرسمية يظل استثناءً. غالبية التحقيقات التي تفتحها السلطات الإسرائيلية تُغلق بلا نتائج، إذ تشير البيانات إلى أنّ واحدة فقط من كل عشرين قضية تنتهي بلائحة اتهام، وغالبًا بلا إدانة. ثلاثة من أربعة مشتبه بهم في هجوم بيت ليد يغادرون السجن سريعًا.

 

ويتداخل العنف الاستيطاني مع ازدياد في عمليات الجيش، حيث يقتل الجنود فلسطينياً يبلغ 19 عامًا قرب نابلس بحجة إلقائه جسمًا متفجرًا، ليرتفع عدد القتلى في أسبوعين إلى سبعة. وزارة الصحة الفلسطينية تشير كذلك إلى مقتل ستة مراهقين بين 15 و17 عامًا خلال حوادث منفصلة. ومنذ أكتوبر 2023 تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة 1000 شخص، واحد من كل خمسة منهم طفل، إضافة إلى نساء وأشخاص ذوي إعاقات.

 

حصار الزيتون وملاحقة المتضامنين

 

يبدو أن التضامن الدولي لا يعجب السلطات الإسرائيلية. مئات الناشطين المتطوعين يُمنعون من دخول قرية بورين لمساعدة المزارعين على قطف الزيتون. وفي الشهر الماضي، يُعتقل أكثر من 30 متطوعًا أوروبيًا وأمريكيًا لعدة أيام ويُرحّلون لاحقًا، وسط اتهامات بانتهاك شروط التأشيرة. تقول إحدى المتطوعات إن الهدف كان "الترهيب وكسر أي مبادرة تضامن".

 

موسم الزيتون الذي يطعم عشرات آلاف الأسر ينهار، إذ تقلّصت عائداته إلى جزء صغير من 130 مليون دولار كانت تأتي سنويًا قبل الحرب. نحو 110 آلاف مزارع يعتمدون مباشرة عليه، و50 ألفًا آخرون يكسبون رزقهم من سلسلة إنتاج الزيت والزيتون.

 

كل ذلك يحدث بينما الحكومة الإسرائيلية الحالية – الأكثر يمينية في تاريخ البلاد – تضم وزراء ذوي ارتباطات أيديولوجية قوية بالمستوطنين المتشددين. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يعيش في مستوطنة ويدعو إلى ضمّ 82% من الضفة.

 

المنطقة التي يسكنها 2.7 مليون فلسطيني تظل محور أي تصور لدولة فلسطينية مستقبلية، لكن توسيع المستوطنات يجعل هذا الحلم يتبدد. المجتمع الدولي يعتبر هذه المستوطنات غير قانونية، فيما تستمر إسرائيل في ترسيخ وجودها منذ احتلال الضفة عام 1967.

 

العنف المتصاعد يرسم صورة ضفة محاصرة بين مستوطنين يزداد عنفهم وجيش يوسع قبضته، وسط اقتصاد ينهار ومزارعين يخشون اقتراب نهاية موسم الزيتون كما عرفوه.

 

https://www.theguardian.com/world/2025/nov/18/west-bank-surge-settler-violence-israel-palestine